فيما مضى، كانت مشاعره تطفو على قسمات وجهه على شكل كلمات وضحكات وحتى تعبيرات .
أما الآن اصبحت المشاعر حبيسة الصدر، تلاشت تعبيرات وجهه المختلفة وبقي وجه واحد هو نفسه في السراء والضراء في الجد والهزل.
هو الآن يبتسم يضحك بل وحتى يتكلم، لكن بات واضحاً أن شيئا ما مختلف. إن الابتسامة صفراء والضحكة تبدو مثقلة وحتى حديثه أصبحَ ردةَ فعلٍ للأحداث،لا صوتاً يخرج من روحه أو نغمة فريدة تُعزف من مكنون قلبه.
لم تخرج روحه للسماء ولم تطفو أيضاً على سطح الحياة، بل هي حبيسة صدره و جاثمة على قلبه.
رُحتُ أتسائل لأجله وسافر عقلي وهو في مكانه متأملاً حاله...
ترنّم في ذكراي صوت تلك الروح الحية التي كانت تبث الأمل للجميع ، حتى للجمادات حولها! تلك العيون اللامعة التي كانت تضيء بوَهَجِها أفق السماء.وتلك النفس التي لا تكفُ عن استكشاف الأشياء حولها وكأنها عقل طفلٍ صغير للتو أبصر ماحوله.
كل ذلك اصبح هباءً منثوراً..
الآن هو كتلةً من الصمت. لم يعد يعير انتباهً لما يجري حوله، حتى الأيام أصبح مضيها وانقضائها بالنسبة له سواء؛ لا الأشياء تبهره ولا الأحداث تجذبه.
"يقولون إن الإنسان يشيخ عندما يتقدّم به العمر، لكنه في الحقيقة يشيخ عندما ينطفئ ضوءٌ ما كامنٌ في روحه." (جلال الدين الرومي).
لمحَ في عقلي تساؤل وجال في خاطري التباس، ماتفسيرنا للموت ؟ولماذا نشتد ونتألم بموت أجساد من نحب ولا نضيق ذرعاً بل ولا نأبه حتى بموت أرواحهم وانطفاء النور من نفوسهم!
وعلى الرغم من رغبتي الملحة بمعرفة ما ألم به والكشف عما حل به.
إلا أني لا أجروا على سؤاله. لا أريد أن أكون من يزيل الضماد عنه فينزف جرحه أمامي، لا أريد لألمٍ يحاول جاهداً نسيانه أن أعيده لذهنه.
أحسبه سيسقط قريبا في يومٍ ما .قد لا أقدر على إنقاذ روحه، لكن لا أقل من أن أسند جسده و أربت على كتفه.
و حتى ذاك الحين بقيت واقفاً بجانبه
سامي عتباني